(مَجلِسُ أمنِ الغَابَات ) !
::::::::::::::::::::::::
فِي غَابَةٍ ما عَلَى هذِهِ الأرضِ ، أغارَتْ قِطعَانٌ مِنَ الذِّئابِ عَلَى سُهُولٍ فَسِيحَةٍ لِلأَغنَامِ ، وَ احتَلَّتْهَا ، وَ أَخَذَتْ تَقتُلُ الأَغنَامَ قَتلًا ذَرِيعًا بِلا رَحمَةٍ ؛ فَاشتَكَى وَفدٌ مِنَ الأَغنَامِ إِلى ( مَجلِسِ أَمنِ الغابَاتِ ) الَّتِي كانَِ يَرأَسُهَا ( الأَسُودُ ) وَ أعضَاؤهُ الدَّائِمِيُّونَ مِنَ ( النُّمُور ) وَ ( الدِّبَبَة ) وَ ( الفُهُودِ ) وَ ( الذِّئَابِ ) وَ مِن غَيرِهَا مِنَ السِّبَاعِ ، وَ بَعدَ عَقْدِ جَلسَةٍ استِثنَائِيَّةٍ ؛ لِغَرضِ وَقفِ الإِبادَةِ الجَمَاعِيَّةِ الَّتِي طَالَبَ بِهَا الأغنامُ وَ الأبقَارُ وَ الأرانِبُ وَ الغِزلانُ وَ الخُيُولُ وَ الطُّيُورُ الدَّاجِنَةُ وَ غَيرُهاَ مِنَ الحَيَوَانَاتِ البَرِيَّةِ ، صَدَرَ قَرَارٌ صادِمٌ مِن الأعضَاءِ الدَّائِمِيِّينَ _ السِّبَاعِ _ ، صَوَّتَتْ عَلَيهِ ، أيضًا، قُرُودُ السَّعَادِين وَ الخَنَازِيرُ البَرِيَّةُ وَ أَفاعِي الأَصَلَةِ وَ التَّمَاسِيحُ ، بِإِدَانَةِ الأغنَامِ وَ طَردِهَا مِنَ السُّهُولِ الفَسِيحَةِ إلى الصَّحَاري القَاحِلَةِ ، وَ بِالغَرَامَةِ الكَبِيرَةِ وَ دَفعِ التَّعوِيضَاتِ البَاهِظَةِ لِلذِّئَابِ على هذا الاتِّهَامِ الشَّنِيعِ وَ الدَّعوَى الكَيدِيَّةِ البَاطِلَةِ وَ القَذفِ وَ التَّشهِيرِ بِسُمعَةِ الذِّئابِ البَرِيئَةِ المُسَالِمَةِ المَظلُومَة !
؛ فَرَجَعَ الوَفدُ خائِبًا خائِفًا ، كَمَا ذَهَبَ ، وَ استَمَرَّ وَ استَحَرَّ قَتلُ الأغنَامِ العَشوَائِيُّ وَ افتِرَاسُهَا الذَّرِيعُ الوَحشِيُّ بِلا شَفَقَةٍ ، فَقَالَ شاعِرُ الوَفدِ مُخَاطِبًا ( مَجلِسَ أمنِ الغَابَات ) :
يا مَجلِسَ الأَمنِ:لَم تَأمَنْ بِكَ الأُمَمُ
كَلَّا ، وَ لا نَالَ مِنكَ العَدلَ مَنْ ظُلِمُوا
بَلْ أَنتَ خَصْمٌ عَنِيدٌ فِي قَضِيَّتِنَا
خَابَ الًّذِي لِخُصُومٍ رَاحَ يَحتَكِمُ
أَينَ العَدَالَةُ وَ الإِنصَافُ ، أَينَ هُمَا ؟!
قُلْ لِي:لِمَنْ سَوفَ تَشكُو هذِهِ الغَنَمُ؟
مَتَى مَتَى تُصبِحُ الأَغنَامُ آمِنَةً ؟!
مَتَى يُحَقَّقُ فِي الأَوطَانِ ذَا الحُلُمُ ؟
فَكَمْ وَ كَمْ (حَمَلٍ )رَاحَتْ تُمَزِّقُهُ
تِلكَ الذِّئَابُ الَّتِي لَيسَتْ لَهَا ذِمَمُ
إِنَّ السِّبَاعَ لَهُمْ حِلفٌ عَلَى غَنَمٍ
لا غَروَ فِي ذَاكَ ؛ فِيمَا بَينَهُمْ رَحِمُ
وَ بَينَهُمْ أَلفُ مِيثَاقٍ وَ مَصلَحَةٍ
وَ عِندَهَا تَسقُطُ الأَخلاقُ وَ القِيَمُ
يا مَجلِسَ الأَمنِ : ما كانَتْ لِصَالِحِنَا
مِنكَ القَرَارَاتُ وَ الأَحكَامُ وَ القِمَمُ !
............
* مِن تَأليفِيَ الخالِصِ نَثرًا وَ شِعرًا/ أخُوكُم د.فارس الحسيني.