صحيفة نبض الشعب الاسبوعيه رئيس التحرير جعفر الخابوري

كان ماضي جميل لن يعود ..

كانت للأم سلطة ، وللمعلم سلطة ، وللمسطرة الخشبية الطويلة سلطة ، نبلع ريقنا أمامها ، وهي وإن كانت تؤلمنا لكنها جعلتنا نحفظ جزء عم ، وجدول الضرب ، وأصول القراءة ، وكتابة الخط العربي ونحن لم نتعد التاسعة من العمر بعد.

كانت الام مدرسة ، والاب مدرسة ، والاخ الاكبر او الاخت الكبرى مدرسه ، والجار مدرسة ، وإمام المسجد مدرسة

كان ابن الجيران يطرقُ الباب ويقول :
( أمي تسلم عليكِم وتقول : عندكم بصل .. طماطم .. بيض .. خبز ) أخوان في الجوار والجدار وحتى في اللقمة

كانت الشوارع بعد العاشرة مساء تصبح خاليه ، وكانت النساء يمكثن في بيوتهن ولا يخرجن أبدا في المساء ، وكان الرجال لا يعرفون مكانا يفتح أبوابه ليلا سوى المستشفى والمطار

كان الستر في الوجوه الطيبة الباسمة ، وكانت أبواب البيوت مشرعة للجيران ، والترحيب يُسمعُ من أقصى مكان

لم يكن الأب متعلماً ولا الأم مثقفة ، ولكن الصغار ينجحون دون مدرسين ، ويفهمون دون دروس خصوصية ، ويسجلون النتائج المتقدمة في المدارس العمومية

كانت الكلمة البذيئة فضيحة أن تصدر من الأطفال وكارثة أن تصدر من البنات ( من شدة الحياء )

كان من يدخن السيجاره يستحي أن يدخن أمام الناس ، وكان الأطفال يهربون منه

التلفزيون مافيه الا قناة واحده ، ولكن كنا نعرف اخبار من حولنا دون تكلف ، واذا كانت القناة موش صافيه يصير استنفار في البيت ، واحد عند التلفزيون وواحد في الحوش والثالث فوق السطح يدور الاونتان ، وكل شوي يعيط " صافي " والساعه 12 تغلق بعد موجز الاخبار
كنا نحمل صواني البسكويت والغريبة على رؤوسنا للمخابز
ليلة العيد كل منا يجهز ثيابه ونضعها جنب سريرنا، نستقبل العيد بفرح وبحب ونشعر بالسعاده ولو ان العيديه كانت قليلة

كانت القلوب نظيفه ومتقاربه والبيوت متلاصقه والشوارع والحوم كأنه بيت واحد

كنا وكانت ايام حلوه بالرغم من كل النواقص ..
واذا أردنا نكمل ونتكلم عن تلك الايام مانتوقف

اكتفي بهذا القدر وارد واقول : ماضي لن يتكرر ولن يعود